انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل

انخفاض ضغط الدم عند الحامل: الأسباب، الأعراض، والعلاج

يعد انخفاض ضغط الدم من المشاكل الصحية الشائعة التي قد تواجهها المرأة أثناء الحمل. ورغم أن ارتفاع ضغط الدم هو الأكثر شهرة في هذا السياق، إلا أن انخفاضه يشكل تحدياً صحياً آخر قد يؤثر على الأم والجنين. يُعتبر الضغط الطبيعي للدم من العوامل الحيوية التي تؤثر في صحة الإنسان بشكل عام، ويختلف هذا الضغط من شخص لآخر حسب العديد من العوامل. في حال كانت المرأة الحامل تعاني من انخفاض ضغط الدم، فإنه يجب تشخيصه ومتابعته بعناية لتجنب أي مضاعفات قد تهدد صحتها أو صحة الجنين.

تعريف انخفاض ضغط الدم عند الحامل

يُعرّف انخفاض ضغط الدم عند الحامل (Hypotension) على أنه الحالة التي ينخفض فيها ضغط الدم بشكل غير طبيعي خلال فترة الحمل. في الحالات الطبيعية، يُقاس ضغط الدم عن طريق قياس الرقمين: الضغط الانقباضي (العدد الأعلى) والضغط الانبساطي (العدد الأدنى). عند انخفاض الضغط، يتراوح عادةً الضغط الانقباضي بين 90 إلى 100 ملم من الزئبق، والضغط الانبساطي بين 60 إلى 70 ملم من الزئبق.

أسباب انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل، وتختلف هذه الأسباب من امرأة إلى أخرى، وقد تتراوح من أسباب فسيولوجية إلى عوامل صحية:

1. تغيرات فسيولوجية أثناء الحمل:
   في بداية الحمل، وبسبب التغيرات الهرمونية التي تحدث في الجسم، يحدث توسع في الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم. يفرز الجسم هرمونات مثل “البروجسترون” الذي يعمل على استرخاء الأوعية الدموية، مما يقلل من ضغط الدم.

2. زيادة حجم الدم:
   مع تقدم الحمل، يزيد حجم الدم في جسم المرأة لمواكبة احتياجات الجنين. هذا التوسع في الأوعية الدموية قد يؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض الضغط، خصوصاً في الثلث الأول من الحمل.

3. التغيرات في وضعية الجسم:
   عند الوقوف المفاجئ أو تغيير الوضعية بسرعة من الجلوس إلى الوقوف، قد يحدث انخفاض مفاجئ في ضغط الدم بسبب تأثير الجاذبية الذي يتسبب في تجمع الدم في الساقين. هذه الحالة تعرف بـ “الهبوط المفاجئ للضغط”.

4. الحمل المتعدد:
   في حالات الحمل المتعدد (التوأم أو أكثر)، قد يحدث انخفاض ضغط الدم بشكل أكبر نتيجة لزيادة حجم الدم بشكل ملحوظ.

5. النزيف الداخلي أو فقدان السوائل:
   في حال حدوث نزيف حاد أو فقدان كمية كبيرة من السوائل، سواء بسبب التقيؤ أو الإسهال الشديد، فإن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض في ضغط الدم.

6. نقص التغذية:
   قد يؤدي نقص بعض العناصر الغذائية المهمة مثل الحديد أو الفيتامينات في النظام الغذائي إلى ضعف الدورة الدموية، مما يسهم في انخفاض ضغط الدم. فقر الدم، الذي غالباً ما يحدث أثناء الحمل، يُعد من الأسباب الأكثر شيوعًا لانخفاض الضغط.

7. الأمراض المزمنة:
   في بعض الحالات، قد تكون هناك أمراض مزمنة تسهم في انخفاض ضغط الدم مثل أمراض القلب، أو أمراض الكلى أو الغدد الصماء التي يمكن أن تؤثر على تنظيم ضغط الدم.

أعراض انخفاض ضغط الدم عند الحامل

يُظهر انخفاض ضغط الدم مجموعة من الأعراض التي قد تكون مزعجة، وتحتاج المرأة الحامل إلى مراقبتها. يمكن أن تشمل هذه الأعراض:

• الدوخة والدوار: قد تشعر المرأة الحامل بدوار أو دوخة خاصة عند الوقوف المفاجئ أو عند تغيير وضعية الجسم.

• الإغماء: في بعض الحالات الحادة، قد يحدث الإغماء بسبب انخفاض ضغط الدم.

• التعب الشديد والإرهاق: الشعور بالتعب المستمر هو من الأعراض الشائعة، حيث يقل تدفق الدم والأوكسجين إلى الأعضاء الحيوية.

• الغثيان والقيء: قد يصاحب انخفاض ضغط الدم في بعض الأحيان شعور بالغثيان، خصوصاً في الأشهر الأولى من الحمل.

• صعوبة التركيز: انخفاض ضغط الدم قد يؤدي إلى نقص تدفق الدم إلى الدماغ، مما يسبب صعوبة في التركيز والشعور بالضبابية الذهنية.

• شحوب البشرة: قد تظهر بشرة المرأة الحامل شاحبة بسبب قلة تدفق الدم.

تشخيص انخفاض ضغط الدم عند الحامل

عند الشك في انخفاض ضغط الدم، يقوم الطبيب المختص بقياس ضغط الدم باستخدام جهاز قياس الضغط المعتاد. في حال كانت القراءات أقل من 90/60 ملم من الزئبق، فإن ذلك يُعد مؤشراً على وجود انخفاض في الضغط. يُفضل أن تتم متابعة الضغط بانتظام طوال فترة الحمل، خصوصاً في حال وجود أعراض مزعجة. قد يُطلب من المرأة الحامل إجراء بعض الفحوصات الإضافية مثل تحاليل الدم للتأكد من مستوى الهيموغلوبين وأي نقص غذائي قد يؤثر في الدورة الدموية.

علاج انخفاض ضغط الدم عند الحامل

رغم أن انخفاض ضغط الدم غالباً ما يُعتبر حالة غير خطيرة، إلا أنه يتطلب مراقبة دقيقة وعلاجًا في بعض الحالات. يتضمن العلاج مجموعة من التدابير التي تهدف إلى رفع مستوى ضغط الدم بشكل آمن ودون التأثير على صحة الأم أو الجنين.

1. زيادة تناول السوائل:
   من أكثر التوصيات شيوعًا للمرأة الحامل التي تعاني من انخفاض ضغط الدم هي زيادة كمية السوائل التي تتناولها. يساعد شرب الماء والمشروبات الرياضية على تعويض السوائل المفقودة، مما يحسن من الدورة الدموية.

2. تناول وجبات صغيرة ومتكررة:
   يُنصح المرأة الحامل بتناول وجبات صغيرة على مدار اليوم بدلاً من الوجبات الكبيرة التي قد تؤدي إلى هبوط مفاجئ في الضغط. يساعد تناول الطعام بشكل متكرر على استقرار مستوى السكر في الدم، مما يعزز من مستوى ضغط الدم.

3. رفع القدمين:
   في حالة الشعور بالدوار أو الدوخة، من الأفضل رفع القدمين لأعلى لضمان تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية.

4. ارتداء جوارب الضغط:
   يمكن أن يساعد ارتداء الجوارب الخاصة التي تضغط على الساقين في تحسين الدورة الدموية، مما يساهم في رفع ضغط الدم بشكل تدريجي.

5. تجنب الوقوف المفاجئ:
   من المهم تجنب الوقوف بشكل مفاجئ أو تغيير وضعية الجسم بسرعة، حيث أن ذلك قد يسبب انخفاضاً مفاجئاً في ضغط الدم.

6. الأدوية:
   في الحالات التي تستدعي العلاج الطبي، قد يصف الطبيب أدوية تعمل على رفع مستوى ضغط الدم. لكن في العادة، يتم تجنب الأدوية إلا في الحالات الشديدة.

7. العناية بالغذاء:
   من الضروري تناول نظام غذائي متوازن يحتوي على كمية كافية من الحديد، الفيتامينات والمعادن التي تعزز من صحة الدورة الدموية، مثل الأطعمة الغنية بالفيتامين C، حمض الفوليك والحديد.

مضاعفات انخفاض ضغط الدم عند الحامل

على الرغم من أن انخفاض ضغط الدم في غالبية الحالات لا يسبب مشاكل كبيرة، إلا أنه في بعض الحالات قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل:

1. الدوار والإغماء: قد يؤدي إلى سقوط المرأة الحامل أو وقوع حوادث.

2. نقص تدفق الدم إلى الجنين: في الحالات الشديدة من انخفاض الضغط، قد يؤدي نقص تدفق الدم إلى حدوث مشاكل في نمو الجنين.

3. إجهاد القلب: يمكن أن يعرض انخفاض الضغط المستمر القلب لمزيد من الإجهاد، ما قد يؤدي إلى مشاكل قلبية في المستقبل.

خلاصة

يعد انخفاض ضغط الدم من الحالات الشائعة التي قد تواجهها المرأة الحامل، وهو غالباً ما يكون غير خطير إذا تمت مراقبته بشكل جيد. مع اتباع بعض النصائح الطبية والوقائية، يمكن تجنب معظم الأعراض المزعجة التي قد تنشأ نتيجة لذلك. من المهم استشارة الطبيب بشكل دوري لمتابعة الحالة الصحية والضغط أثناء الحمل لضمان سلامتِك وسلامة الجنين.